قرر الدستور الكويتي حق أعضاء مجلس الأمة بتوجيه الأسئلة إلى أعضاء الحكومة في المادة (99) منه عندما نصت على أنه : 'لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء' أسئلة لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصهم وللسائل وحده حق التعقيب مرة واحدة على الإجابة .
السؤال :
هو استيضاح موجه من أحد النواب إلى أحد الوزراء أو إلى رئيس مجلس الوزراء للحصول على معلومات وبيانات معينة لا يعرفها العضو أو إيضاح حقيقة غامضة أو بيان بعض النقاط المهمة بالسياسة الحكومية ، أو لفت نظر الحكومة إلى مخالفات حدثت بشأن موضوع معين يدخل في اختصاصها ويتضح من ذلك أن السؤال البرلماني يمكن أن يؤدي وظيفتين يتوقف استخدامهما على طبيعة السؤال فقد يكون الهدف من السؤال الاستعلام أو الاستيضاح عن أمر من الأمور وهنا تتحقق وظيفة السؤال بكونه مجرد أداة استعلام . وقد يكون الهدف من السؤال الكشف بصورة رسمية عن مخالفات حكومية للقوانين واللوائح مما يمكن استخدامها لمحاسبة الحكومة وإمكان طرح الثقة بها إن كان الأمر يستحق ذلك فيستخدم السؤال هنا كأداة للرقابة البرلمانية .
وقد اكملت اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الأحكام الخاصة بالسؤال والتي وردت موجزة في الدستور في المواد من (121) إلى (132) من اللائحة الداخلية ولقد وضعت اللائحة الداخلية للمجلس بعض القيود على الحق في استعماله باسم تنظيمه ومن هذه الأحكام ما يأتي :
1- السؤال يوجه من عضو واحد إلى وزير واحد فلا يجوز أن يوجه من أكثر من عضو من أعضاء المجلس إلى أحد الوزراء أو إلى مجموعة من الوزراء .
ولكن العضو يستطيع أن يوجه أكثر من سؤال إلى عدة وزراء تتعلق بأمور مختلفة في وقت واحد وقد تكون هذه الأمور مرتبطة مع بعضها ولكنها تدخل في اختصاصات عدة وزراء .
2- السؤال يجب أن يكون مكتوباً بوضوح وأن يكون موقعاً من مقدمه .
3- الأصل أن يجيب الوزير المسؤول في الجلسة المحددة لنظره مادة (123) من اللائحة إلا أن المادة (124) من اللائحة أعطته الحق في أن يطلب تأجيل الإجابة إلى موعد لا يزيد على أسبوعين والتأجيل لأكثر من هذه المدة لا يكون إلا بقرار من المجلس (مادة 124) من اللائحة .
4- لا يجوز للسائل تحويل سؤاله إلى استجواب في ذات الجلسة المحددة لنظره .
5- لا ينظر في السؤال إذا استرده مقدمه دون أن يتبناه عضو آخر .
6- يسقط السؤال إذا انتهى الفصل التشريعي أو إذا تخلى من وجه له السؤال عن منصبه أو إذا انتهت عضوية مقدمه لأي سبب من الأسباب دون أن يتبناه عضو آخر .
7- لا يسقط السؤال إذا تغيب مقدمه عن حضور الجلسة المقررة لنظره (مادة124) ولا بانتهاء دور الانعقاد بل أجازت اللائحة توجيه الأسئلة فيما بين أدوار الانعقاد ويجب أن يبعث الرد في هذه الحالة كتابة إلى رئيس المجلس فيبلغه إلى السائل (مادة131 من اللائحة) .
ولكن هل يعتبر حق السؤال حقاً مطلقاً لأعضاء مجلس الأمة بمعنى أنه يجوز للعضو توجيه سؤال في أي من الأمور بحجة أنه حق كفله له الدستور أم أن هذا الحق تحده بعض القيود .
أجابت المحكمة الدستورية على هذا السؤال بمناسبة طرح أحد أعضاء مجلس الأمة سؤالاً على وزير الصحة طلب منه تزويده بأسماء المرضى الذين أوفدتهم الدولة للعلاج في الخارج على حسابها مع بيان حالاتهم المرضية ، فأجاب وزير الصحة على السؤال بأنه يتعذر ذكر أسماء المرضى فلم يقتنع العضو بهذه الإجابة فأعاد توجيه السؤال للوزير الذي رد عليه مؤكداً عدم استطاعته تزويد العضو بأسماء المرضى لتعارض ذلك مع قانون المهن الطبية الذي يفرض على الطبيب عدم إفشاء الأسرار الطبية ولم يقتنع العضو بهذه الإجابة فطلب تحويل سؤاله إلى استجواب .
فقرر مجلس الوزراء بجلسته رقم 45-1982 أن يطلب من المحكمة الدستورية ، تفسير نص المادة 99 من الدستور وبيان ما إذا كان حق عضو مجلس الأمة في السؤال وفقاً لهذا النص حقاً مطلقاً لا يحده حد أم أنه مقيد بقيود منها ألا يتعرض بالمساس بكرامة الأشخاص وحرياتهم الشخصية وخاصة ما يتعلق بأسرارهم الخصوصية .
وكان الرأي الذي انتهت إليه المحكمة الدستورية في الموضوع يتلخص في : 'أن حق عضو مجلس الأمة في توجيه السؤال وفق أحكام المادة 99 من الدستور ليس حقاً مطلقاً وإنما يحده حين ممارسته حق الفرد الدستوري في كفالة حريته الشخصية بما يقتضيه من الحفاظ بعدم انتهاك أسراره ومنها حالته الصحية ومرضه بما لا يصح معه لمن استودع السر الطبي ومنهم وزير الصحة أن يكشف سر المريض بما في ذلك اسمه دون إذنه أو ترخيص من القانون' .
ونجد أن هذا الرأي فتح الباب للمحكمة الدستورية أمام تصور تعارض حق السؤال مع حقوق أخرى كفلها الدستور وتتضمن كذلك أسراراً للمواطن نذكر منها على سبيل المثال ما تنص عليه المادة (39) من الدستور بقولها إن (حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة وسريتها مكفولة فلا يجوز مراقبة الرسائل أو إفشاء سريتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه) .
وإذا كانت الحقوق الدستورية تقف كحد لحق السؤال عندما تتعارض معه فإن هناك حالات أخرى كذلك لا يجوز أن تكون موضعاً لممارسة حق السؤال نذكر منها :
(أ) استخدام رئيس الدولة لحق العفو الخاص في فرنسا ونعتقد أن مباشرة الأمير لحق العفو يمكن أن تخضع لنفس القواعد السائدة في فرنسا .
(ب) استقر العرف الدستوري في بعض الدول كذلك على أن المسائل الخاصة بالأحكام القضائية وإجراءات العمل أمام المحاكم لا يجوز أن تكون محلاً للأسئلة البرلمانية فإذا وجدت بعض الأسئلة من هذا النوع يكون من حق الحكومة أن ترفض الإجابة عنها .
(ج) كذلك لا يجوز أن تكون محلاً لسؤال برلماني الموضوعات التي تدخل في اختصاص الحكومات الأجنبية مثال ذلك أن يتقدم أحد الأعضاء بسؤال عن الأسباب التي دفعت حكومة إحدى الدول إلى إعلان الحرب على دولة أخرى .
( د ) لا يــجوز السؤال عن واقعة أو طلب بيانات تتعلق باختصاصات السلطة التشريعية كان يطلب أحد الأعضاء معرفة الأسباب التي دعت أغلبية أعضاء مجلس الأمة لتقديم طلب عقد دور انعقاد غير عادي للمجلس أو أن يكون السؤال متعلقاً بإجراءات العمل الداخلي للبرلمان فإذا ودت مثل هذه الأسئلة فإنه يجب على الحكومة أن تجيب بعدم اختصاصها .(1)
ونلخص حكم المحكمة في مواصفات الاجابة الوزارية
1 - الاجابة تكون في حدود ضوابط الدستور المقررة في المادة (99)، والا كان الاعتذار حقا للمسؤول
2 - لا يلتزم المسؤول تقديم مستندات ووثائق في اجابته عن السؤال البرلماني.
3 - لا يجوز فرض طريقة محددة للاجابة عن السؤال.
4 - من حق المسؤول الاجابة شفاهة طالما لم يطلب خلاف ذلك.
5 - كل سؤال يوجه فيما بين ادوار الانعقاد تبعث اجابته الى رئيس مجلس الامة ويبلغها النواب السائلين.
6 - لا تقيد الاسئلة التي تصدر فيما بين ادوار الانعقاد بالمواعيد المقررة في المواد 123، 124، 129 وتدرج على جدول اعمال او جلسة تالية لمجلس الامة.
7 - يجيب المسؤول عن الاسئلة في الجلسة المحددة لنظرها وله ان يطلب تأجيلا الى اسبوعين ولا يكون التأجيل لاكثر من هذه المدة الا بقرار من المجلس.
8 - من حق الوزير المختص طلب ايداع الاجابة لدى الامانة العامة للاطلاع عليها من قبل العضو ولا يكون هذا الاجراء الا بموافقة العضو.
9 - المقصود بالجلسة المحددة لنظر السؤال بحسب المادة 124 من اللائحة الداخلية هي الاسئلة المدرجة على جدول اعمال تلك الجلسة.
10 - التعقيب على الاجابة يكون لمرة واحدة للسائل.
11 - لا يجوز الاسترسال في التعقيب على الاجابة او توجيه اسئلة اضافية من قبل عضو المجلس.
تعقيب
كان تقييد المحكمة لحق السؤال واضح , حصوصا اذا ما راينا ان المحكمة عندما فسرت المادة 100 الخاصة بالاستجواب تفسير مناقض لتفسيرها لحق السؤال.
المشكلة في ان اعضاء مجلس الامة البعض منهم شعر بعدم جدوى السؤال البرلماني خصوصا بعد تفسير المحكمة مما حدى ببعض الاعضاء الي توجيه اسئلة ذا كم كبير دون فائدة , وهذا الامر له نتاج خطير على الساحة السياسية وهو استغناء النائب عن السؤال كآداة فاعلة والقفز نحو الاستجواب كبداية للتدرج في استخدام الادوات!
وهذا ما نعيشه بالفعل ’ حيث وجه النائب الوعلان 100 سؤال برلماني دفعة واحدة للوزير صفر ثن تبعها بـ 140 اخرى!!!
كذلك النائب ابو رمية امطر وزير الدفاع بكم من الاسئلة , وكذلك الطاحوس تبعهم.
مع ملاحظة ان النواب السائلين قد صرحوا بنية استجواب الوزراء المستهدفيه وهذا ما يؤكد ان السؤال البرلماني صبح تحصيل حاصل خصوصاً مع تجاهل الحكومة للكثير من الاسئلة.
المصدر
(1) السؤال وتفسير المادة 99
إعداد
الباحثة القانونية
مريم عبدالله سالم
إشراف
المستشار القانوني د. عبدالفتاح حسن\ يناير 2004م