الخميس، 8 ديسمبر 2011

تجريم الفرعيات ،، الحالة والحل

إن لكل قانون هدف وغاية يسعى لتحقيقها وغاية قانون الفرعيات هو مواجهة العنصريات التي تزاحم مفهوم المواطنة.

أن مفهوم المواطنة ومفاهيم العنصريات "القبلية والمذهبية والفئوية" هي مفاهيم متصارعة في جسد الدولة

ولا يمكن للدولة تغييب أحدها مطلقًا، كما لا يمكن جعل أحدها يعلو على مفهوم المواطنة الذي يعد المعيار الأهم لتحقيق المساواة أمام القانون والحقوق والواجبات في الدولة الحديثة.

لنعرج قليلًا على نظرة القانون في تنظيم أي حق أو نشاط،،،
في القانون هناك اسلوبين لتنظيم أي نشاط أو حق فهناك الأسلوب العقابي ومثاله قانون الفرعيات فدور القانون هنا بعد ارتكاب الفعل المجرم كجزاء للفاعل وكرادع للبقية.

وهناك اسلوب وقائي أي يحاول منع الجريمة قبل ارتكابها من خلال عدة اجراءات تغير نظرة المجتمع للفعل المجرم.

وأمام هذه الظاهرة السلبية نجد أن المشرع رأى أن يضع قانون تجريم الفرعيات باسلوبه العقابي حلًا لها.

فنجد أن هذا القانون لم يفعل منذ اصداره وفي الحالات التي طُبِق بها كان التطبيق انتقائيًا تارةً وتعسفًا بل سوء استخدام تارة اخرى، وهو ما رسخ هذه الممارسة بل أجج الموقف بشكل تعمد البعض ارتكاب الفعل المجرم ردًا على الانتقائية في تطبيقه.

وإذا ذهبنا إلى الشق الوقائي في مسألة الفرعيات نجد أنه غائب ومنعدم، بل إننا نرى أن الدولة ترعى مثل هذه المفاهيم في مواجهة مفهوم المواطنة، وكما نجد أن كل من المجلس والحكومة استخدموا مثل هذه التقسيمات في معاركهم السياسية لتحقيق مكاسب وقتية.

مثال ليس ببعيد ،، استخدمت الحكومة عبر إعلامها مصطلح استجواب "ابناء القبائل" في الاستجواب الموجه لوزير الداخلية على خلفية تعدي على المال العام، وللاسف أن الكتلة الوطنية سقطت في هذا الفخ!

كما لا يمكن إغفال الحملة الإعلامية السافرة على ابناء القبيلة من خلال "فضائيات" مفسدة فُتحت لها ملفات الدولة يكشفون منها مايشاؤون وللأسف برعاية من رجال الحكومة!!
أيضًا في ذات السياق الحملة على ابناء الطائفة الشيعية من خلال حادثة التأبين ومؤخرًا من خلال الملف البحريني وللاسف كان ممثلي الأمة في قيادة هذا التهجم!!

أيضًا في وجه آخر من وجوه تغليب مفاهيم القبلية والطائفية والفئوية على مفهوم المواطنة والانتماء للدولة نجد أن الحكومة تتنازل عن دورها في تقديم بعض الخدمات للمواطن مثل العلاج والتوظيف وحتى التعليم في مستوياته العليا لصنع نواب موالين لها والامثلة كثيرة على هذا التنازل.

والخطر في هذه المسألة ان الفرد عندما يتعود على تلقي الخدمات من النائب دون الدولة فهو يرتبط بهذا النائب "من ذات الفئة" أيضًا دون الارتباط بالدولة وهذا ما يُعدم مفهوم المواطنة في نفس الفرد.


الخلاصة أننا ضد التعصب لقبيلة أو طائفة أو فئة دون أخرى ونؤيد تجريم مثل هذه الافعال ولكن اذا كانت الدولة ترى بخطورة هذا الفعل يجب عليها أن لا تدعم أو تحرض هذا الفعل إبتداءً ثم تلاحق مرتكبه بعد تمام الفعل!!!


وقد قيل "درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج" والوقاية من أي أفعال تشجع العنصرية أمر سهل يتم بتطبيق المبادئ الدستورية التي تنص على مساواة الكافة امام القانون وكذلك مساواة المواطنين بالحقوق والواجبات دون تمييز.
وأيضًا عدم استخدام مثل هذه المفاهيم في المعارك السياسية الوقتية وأخيرًا تمسك الدولة بدورها في خدمة المواطنين لكي تحيي الانتماء للدولة دون إي مفهوم اخر عنصري.