الصديق العزيز / أحمد المانع https://twitter.com/DeMoCRa6y
أرسل لي هذا البوست والذي طلبت منه و"أتشرف" بنشره ، وهو رأي في محله ومقال مميز.
نص المقال
_____________
بشكل عام: مشكلة أغلب الحركات الإصلاحية يكمن في "اللغة"
أتصور بأن أي متابع للعمليات الإصلاحية في المنطقة العربية بشكل عام سيلحظ بأن كل تلك الحركات تبدأ كبيرة ثم تتفكك وتصغر وتنقسم إلى أجزاء متنازعة فيما بينها حتى تصل لمرحلة من صراع متشعب داخل الحركة نفسها وتنسى هدفها الأساسي وخصمها الأول!.
هذا التحول الكبير بين مرحلة بداية انطلاق أي عملية إصلاحية بكافة أشكالها، إلى مرحلة تفككها وصراعها الداخلي، يقودنا ناحية سؤال بديهي: أين الخلل؟، هل القضية غير مستحقة؟، أم المشكلة بالإصلاحيين أنفسهم؟. وأتوقع بأن أكثر من 95% ممن وصل معي بالقراءة إلى هنا سوف يختار السبب الأخير كسبب لهذه المشكلة، وأن الخلل يكمن في القائمين على العمليات الإصلاحية لا في القضية نفسها. هنا نصل إلى أسئلة أخرى أكثر أهمية في محاولة لفهم المشكلة بشكل أوضح كي نتمكن من الوصول إلى حل لهذه القضية، وأهم هذه الأسئلة هو: ما هي مشكلة القائمين على العملية الإصلاحية والمطالبين بها؟، وهل يعقل بأن يكون كل هؤلاء الإصلاحيين في جميع بلادنا العربية يعانون من نفس المشاكل؟ أي يكمن الخلل بالضبط؟.
شخصياً، أظن بأن المشكلة تكمن في "الفهم العام" و"اللغة"، فجميع تلك الحركات الجامعة للكثير من أطياف المجتمع باختلاف توجهاتهم ومنطلقاتهم وطرق فهمهم تبدأ عبر إطلاق شعارات عامة مثل: العدل والمساواة، وتحقيق الإصلاح والتقدم .. إلخ.
ولكن حينما تتعمق أكثر وتسأل: ما هو العدل؟ وما هي المساواة؟، وما هو التقدم، وكيف ترى شكل الإصلاح؟. هنا تظهر جلياً مشكلة اللغة، لأن الشعار العام مرضي ومناسب للجميع في الشكل المبدئي، ولكن نظرة الإسلامي مثلاً للعدل والمساواة والتقدم وطريقة الإصلاح تختلف بشكل كبير عن فهم الليبرالي وعن فهم التقدمي الاشتراكي وهكذا. فالأول يرى الإصلاح بالعودة إلى الدولة الدينية (هذا إن لم يختلف الإسلاميين أساساً بين طوائف ومذاهب)، أما الليبرالي فيرى الإصلاح في التوجه ناحية الدولة المدنية، ويرى التقدمي غير هذا وذاك في شكل الإصلاح المنشود. ونفس الأمر يتكرر مع فهم شكل العدل والمساواة والتقدم وغيرها من الشعارات الأساسية التي انطلقت بها أي عملية إصلاحية.
إذن، الخلل ليس في الشعار المرفوع نفسه، ولكن في اللغة التي يفهم بها هذا الشعار وكيفية تطبيقه، ومن هنا تظهر بأن الأرضية المشتركة التي استندت عليها العملية الإصلاحية كانت في الأساس هشة وغير متماسكة، لأن اللغة كانت مختلفة بتفصيلاتها ولم تتفق إلا بالشكل العام الظاهر. ومن هنا يبدأ النزاع من داخل هذه الحركات حتى تصل إلى مرحلة نسيانها بشكل كامل للهدف الأساسي والعودة للمربع الأول أو إلى مرحلة أكثر تأخراً أساساً من المربع الأول، وبرفقة الكثير من الجراح والمزيد من الاختلافات بين أفراد المجتمع نفسه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق