الاثنين، 10 أكتوبر 2011

ذكرى معركة الجهراء



وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها وبدأت الدول المنتصرة توزع الأراضي والأقاليم على بعضها وعلى حلفائها، ودولة الكويت والدولة السعودية الناشئة ليستا ببعيد عن هذا الحدث.

خلال الفترة مابين سبتمبر/١٩١٩ - ابريل/١٩٢٠ دار سباق بين ابن سعود صاحب المشروع التوسعي وبين ابن صباح الذي يود الحفاظ على إرث والده أسد الجزيرة من الأراضي الممتدة.

الخطوة الاولى هي من الشيخ سالم الذي عزم على بناء ميناء في منطقة بلول التي تقع ضمن حدود الكويت آنذاك رفض بن سعود ذلك وشكى الامر للمعتمد البريطاني وتدخل الاخير ثم عدل الشيخ سالم مع تأكيده على حقه في منطقة بلبول.

الخطوة الثانية كانت من ابن سعود حيث أمر ابن شقير أحد امراء مطير بالنزول في قرية العليا "جرية" وبناء قلبان ومساكن لهم ولما علم الشيخ سالم بذلك أرسل دعيج الفاضل على رأس ٤٠٠ فارس وراجل لارهاب ابن شقير دون امر منه بالقتال ونزلوا في حمض على مقربة من جرية وصلت أخبار جند ابن صباح لابن شقير فستنجد بفيصل الدويش الذي هم بنجدته بقوة قوامها ٢٠٠٠ فأغار صباح المواقق ١/٦/١٩٢٠ على قوات بن صباح وغنم منهم مغنمًا كبيرًا فكانت "معركة حمض"

تسارعت وتيرة الاحداث بعدها ليتم بناء سور الكويت الثالث بمده قصيرة قاربت الستة أشهر كما وقعت في يد الشيخ سالم رسالة ابن سعود إلى فيصل يحثه على البناء في جرية والتي بدأ الدويش بنفيذها كما عزم الدويش على نشر عقيدة الاخوان في الكويت التي ظن بعد معركة حمض انها ممكنة له ، أسرع الشيخ سالم في طلب المساعدة ابن رشيد حيث بعث ابن طوالة الذي كان يحل في شمال الكويت وأمده بالمال وأمره هو ودعيج الفاضل بالذهاب لجرية والاغارة على الإخوان فجأة إلا ان الخلاف الذي دب بين ابن طوالة ودعيج الفاضل انهى المهمة وهي في الطريق وعادت القوات و نزلت في قرية الجهراء.

عقد فيصل الدويش العزم على الهجوم -بجيش كبير يقارب ٤٠٠٠ مقاتل- على الجهراء والقوات الموجودة فيها، وصلت أخبار هذه النوايا للشيخ سالم المبارك وأسرع على رأس قوة قوامها ٤٠٠ مقاتل لتنضم لبقية القوات في الجهراء لـتصل القوات الكويتية لما يزيد عن ١٥٠٠ مقاتل.

معركة الجهراء

في الساعة السادسة مثل هذا اليوم العاشر من أكتوبر عام ١٩٢٠ علت الصيحات التي كان يرددها الاخوان "ابراهيم ياعمود الدين محمد يارسول الله هبت هبوب الجنة وين انت يا باغيها"وكانت وقودهم الذي يمثل عنصر العقيدة في معاركهم.

كانت القوات الكويتية تحمي الجهراء من الجنوب الغربي بقيادة جابر العبدالله الصباح وفي الميمنة ابن طوالة وفي الميسرة دعيج الفاضل، أما جهة الشمال فكان أهالي الجهراء والدياحيين (فخذ من مطير) والمطارفة في مواجهة فرق الاخوان.

كانت طبيعة الجهراء بأشجارها وأسوارها بيئة جيدة للقوات الكويتية حيث مكنتهم من حصد عدد كبير الاخوان لان الاخوان كانوا مكشوفين للكويتيين ولكن كثرة عدد الاخوان رجحت كفتهم بعد ست ساعات من القتال فأحتلوا قرية الجهراء عدا القصر الأحمر حيث تحصن الشيخ سالم ومن معه إلى القصر الذي عج بهم علاوةً على من فيه من النساء والشيوخ والاطفال.

بعد أن تمت محاصر القصر الأحمر من جميع جهاته ارسل الدويش خادمًا له يدعى مطلق المسعود وقابل الشيخ سالم الذي بين لهامكانية التفاوض ولما عاد موفد الدويش ارسل الدويش منديل بن غنيمان المطيري ليفواضل ابن صباح ولم يخرج اجتماعهم بنتائج ، وقرر الدويش ايقاف الهدنة و الهجوم على القصر ليلًا بعد ان وجد الثقوب التي اعدها الكويتيين للرماية منها، وتم الهجوم ولكنه فشل بسبب تحصن الكويتيين.

في صباح اليوم التالي ١١/١٠/١٩٢٠ بعث الدويش برجل الدين عثمان بن سليمان بعد أن علم بأن العطش وقلت المؤن في القصر قد تكون سببًا في فرض شروطه ، واجتمع موفد الدويش والشيخ سالم الذي تظاهر بقبول الشروط وهو يسر في نفسه العزم على عدم تنفيذها ، وطلب من الاخوان الانسحاب للصبيحية ورد كل ما غنموه وتم ذلك.

بلغ عدد القتلى في الجانب الكويتي قرابة ٢٠٠ شهيد ومن جانب الاخوان قرابة ٨٠٠ قتيل وقيل أن مثلهم توفوا بجراحهم قبل وصول الاخوان للصبيحية وبعد ذلك.

رجع الشيخ سالم لمدينة الكويت وهو يعلم ان الخطر لم يزول لذا طلب المساعدة الريطانية.

وفي ١٩٢٠/١٠/١٤ ارسل دويش للشيخ سالم يطلب وفدًا ليتم تنفيذ الاتفاق وطلب ان يكون بينهم هلال بن فجحان المطيري فرفض الشيخ سالم وقال ان الدويش هو من عليه أن يرسل وفده وفعلًا ارسل الدويش وفدًا من اثني عشر عضوًا يرأسهم جفران الفغم المطيري الذي وجد اكرمًا من الشيخ سالم الا انه لم يقابلهم حتى اطمئن لقبول بريطانيا الدفاع عن الكويت.

في ١٩٢٠/١٠/١٩ وبعد أن تناول الوفد غداءه في دار هلال الطيري اتجهوا لقهوة بوناشي حيث كان الشيخ بانتظارهم والمعتمد الريطاني الميجر مور حيث انذر الاخير الاخوان بعدم التعرض للكويت وشدد على التزام بريطانيا على حماية الكويت، وكان الناطق باسم الوفد رجل كبير في السن أعمى يدعى الديحاني ، ولما شعر الوفد بفشل مهمته غادر في ذات اليوم محملًا بانذار للاخوان بعدم التعرض للكويت ووجوب الارتحال عن ابار الصبيحية وتم ذلك

في ١٩٢٠/١٠/٢٦ حيث توجه الدويش شمالًا من الصبيحية وأغار على ابن ماجد الدويش الذي كان ميالًا للكويت في معركة الجهراء ضد ابن سعود والاخوان وقد فتك به الاخوان فتكًا مريعًا و واصلوا السير شمالًا للظفير التي تلقت نصيبها أيضاً على وقوفها مع الكويت.

-------

هذا السرد التاريخي كان واجبًا لتبيان جزء مهم من تاريخنا ومهم أكثر لنقل صورة صحيحة للاحداث لاننا مؤخرًا بدأنا نستمع لاصوات تصور هذه المعركة على انها هجوم قبلي بحث ضد الكويت وهذا تدليس وتحريف للحقيقة

فصراع الامارتين العربيتين الكويت والسعودية آنذاك بيّن، فالكويت بشيخها سالم الصباح الذي اثقله حمل الارث الذي تركه أباه مبارك الكبير، والسعودية الناشئة تحت قيادة ملكها الفذ عبدالعزيز بن سعود صاحب المشروع التوسعي الذي استطاع بدهائه السياسي ومساعدة بعض الظروف المحيطة من تحقيقه.

صحيح أن وقود هذاالصراع كان قبليًا تارة وكان عقائديًا أحيانًا إلا انه يبقى صراع بين امارتين لايمكن لاي شخص نسبه للغير.

ايضًا خلف هذه الاحداث "معركة الجهراء" يمكننا تلمس عنصر مواطنة وانتماء كبير في الجانب كويتي تحديدًا واسترجع بعضها ،،،،

- كان عدد كبير من قبيلة مطير يدافعون عن الجهراء واذكر تحديدًا فخذ الدياحيين حيث استشهد منهم قرابة ٧٧ شهيد ،،، في حين أن الناطق الرسمي لوفد الاخوان يذكر انه شخص يدعى الديحاني.

-علاوة على ذلك الوفد يتناول وجبة الغداء في دار هلال المطيري التاجر الكويتي فيحين أن رئيس الوفد هو جفران الفغم وهو مطيري بل أن الناطق باسم الاخوان "الديحاني" هو من نفس الفخذ والعائلة التي ينتمي لها هلال المطيري التاجر الكويتي مضيفهم.

-اضف أن الدويش اغر على ابن ماجد الدويش الذي ساند الكويت ضد الاخوان وهم من ذات القبيلة وذات العائلة.

نستشف من هذه الومضات أنه وبالرغم من القبلية التي تعصف بشبة الجزيرة العربية إلا أننا وجدنا نوعًا من روح الانتماء التي تزخر بها بعض القبائل التي كانت ضمن الاراضي الكويتية الشاسعة نسبيًا آنذاك.

وهذا ما ينفي قول البعض أن القبائل كلها تقاتل وتقتل ويستشهد رجالها لأجل المال الذي يدفع لهم.

وممن قال هذا القول ناصر الفضالة صاحب كتاب الحالة والحل الذي برأيي لم يشخص حالة ولم يضع حلًا بل دلس وتجاهل وحور وزيف كل معلومة تاريخية لكي يخرج برأي طريف يضع به القبائل موضع الشك والتخوين.

**لعلي استشهد بمثال أوحد "قبيلة مطير" كونها مثال جلي لما اود ايضاحه ولا ابخس دور أية فئة اخرى.

------
المصدر:

تاريخ الكويت السياسي - حسين خلف الشيخ خزعل - الجزء الرابع.

""العدد المذكور لشهداء الدياحين مصدره شفهي ولكن اعتقد بصحته.



هناك 3 تعليقات:

  1. تمت كتابة هذا البوست مرتين بسبب برنامج blogsy الله يسامحه :)

    ردحذف
  2. مقال جميل جداً يكشف القصه الحقيقه المعركة الجهراء بارك الله فيك

    ردحذف